[center]
على
مدار أعوام عانت طويلا من الآلام لم تكن تعرف سببها أو حتى تستطيع تحديد
مكانها بدقة فتارة تشعر أنها بالمعدة و تارة تعتقده القولون أو الكلي أو
ربما الكبد
سامية
مازالت في العشرينات من عمرها...و لكنها دارت على دكاترة كتير و كل واحد
يعمل تحاليل و يقول سليمة و يديها مسكنات أو يتفلسف بأي كلام لكن في
النهاية ما أن تتحسن قليلا حتى تعود لها الآلام حتى تعودت عليها و صارت
جزء من حياتها اليومية
و
في يوم اشتدت الآلام فلم تكن تتحملها و قررت تجربة الذهاب لطبيب مختلف
للمرة الألف فلعل اشتداد الألم يكون قد سهل من تشخيص المرض و بعد الكشف و
التحاليل رأت وجه الطبيب شاحب... يحاول أن يتفادى النظر إليها و كأنه
يستعد لإعلان خبر مجبر عليه فبادرته هي بمنتهى الهدوء و الثقة قائلة:
السرطان في اي مرحلة الآن؟
اخبرها أنها في المرحلة قبل الأخيرة و لكن هناك دائما أمل و علاج
ارتسمت
ابتسامة هادئة على وجهها و أخبرته أنها لا تبحث عن علاج أكثر من المسكنات
و غير منزعجة, بالعكس هي سعيدة و كل ما تريد معرفته كم بقى من الزمن
تقريبا طبقا لخبرته مع مثل تلك الحالات
صمت
الدكتور و نظر إليها نظرة شفقه و تعجب ظنا منه أنها تعانى من لوثة من
الصدمة جابت لها تأثير معاكس لرد الفعل المعتاد في مثل تلك المواقف
الدكتور
لم يستوعب ان سامية بجد سعيدة بالخبر بل أنها كانت تنتظره بفارغ الصبر فهي
من كانت تدعو الله ليل نهار بأن ينهى حياتها لأنه وحده صاحب هذا الحق و
بالتالي مهما كان يبلغ بها الإحساس بالزهد في متع الدنيا و الرغبة في
الموت لم تكن تجرؤ على التفكير في إنهاء حياتها بيدها بل دائما كانت ترجو
الله أن يعجل لقائها به
لأول
مرة منذ زمن طويل تشعر سامية براحة و هدوء و أمان... الان فقط تشعر ان
أملها تحقق فقد ملت الدنيا و لم تعد تطمع او تطمح فى اى شىء و ماعدش شىء
ممكن يسعدها و لا بتتمناه
سامية
مش خايفة من الموت لاسباب عده فمن ناحية عمرها كان اقصر من ان تفعل أشياء
كبيرة تخشى عقابها و من ناحية أخرى مهما كانت اقترفت من ذنوب بسيطة فالظلم
و الحزن اللى شافته فى حياتها كافى لتخليصها و زيادة و الاهم من كل ده ان
اذا كان الانسان فرحان بالدنيا فمن باب أولى ان يفرح أكثر بلقاء خالقها
فان كانت الدنيا جميلة كما يدعون فبالتأكيد مبدعها أجمل و أحن على الانسان
منها.