هذه الأيام العشر من ذى الحجة هي الايام المعلومات التي ذكرها الله عز وجل وهي العشر التي اتمها الله عز وجل علي نبيه موسي عليه وعلي نبينا الصلاة والسلام ,
فقال تعالى "وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ * وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ "( سورة الاعراف 143:142)
ما القصة ؟
القصة ان سيدنا موسي عليه وعلي نبينا الصلاة والسلام وعد بني اسرائيل وهو بمصر ان اهلك الله عدوهم اتاهم بكتاب من عند الله فيه بيان ما يأتون وما يذرون فلما هلك فرعون سأل موسي ربه هذا الكتاب , إن ربنا سبحانه وتعالي يتنزل عليه بكتاب وهو التوراة يكون فيه بيان للحلال وبيان للحرام ,
ويقول الله (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ) لاحظوا يقول في البقرة (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) ( البقرة 51) هنا قال (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ) ( البقرة 51)
لماذا ؟ ,لماذا يقول واتممناها بعشر ؟ , لماذا فرق بينهم ؟ ,
لم لم يقل مرة واحدة وواعدنا موسي اربعين ليلة كما قال في سورة البقرة ,
هنا قال العلماء هنا أقوال:
اولاً اغلب المفسرين اجمع علي ان الاربعين ليلة هي شهر ذي القعدة والعشر هي العشر الاول من ذي الحجة إذًا قد فرق مابين الاربعين ليلة هذه فقال ان ثلاثين يوم او ثلاثين ليلة وعشر ليالي اخر , الثلاثين ليلة الذين هم الثلاثين ليلة من ذي القعدة والعشر ليالي من زي الحجة ,
ذكر صاحب كتاب اللباب في علوم الكتاب ان الله تعالي أمر موسي بصيام ثلاثين يوما والذي هو شهر ذي القعدة كله فلما تم الثلاثين انكر موسي الخلوف رائحة فمه من صيام ثلاثين يوم فأنكر هذه الرائحة فتسوك فقالت الملائكة كنا نشم من فيك رائحة المسك فأفسدته بالسواك لخلوف فم الصائم اطيب عند الله من رائحة المسك فأوحي الله اليه (اما علمت ان خلوف فم الصائم اطيب عندي من ريح المسك ) فأمره الله تعالي ان يزيد عليها عشرة ايام فكانت هذه العشر ايام من زي الحجة فصامها موسي _
المعني الثاني : قالوا ان الله تعالي امره بصوم ثلاثين يوما وان يعمل فيها ما يقربه الي الله تعالي ثم انزل في العشر التوراة فيكون العشر اختص بمزية واختص بفضيلة انه حدث فيها ان انزلت فيها التوراة وكلمه سبحانه وتعالي في هذه العشر فالذلك فصلت عن الثلاثين, فيكون قد صام الثلاثين ليلة الأول والعشر انزلت فيها التوراة وكان وقت كلام الله لموسي , هذه العشر حدث فيها هذة المزية العظيمة وهذه الفضيلة الكبيرة لسيدنا موسي ان كلمه الله تبارك وتعالي .
واريد ان اتوقف عند الايات ونكون قد علمنا ان هذه الايات تتحدث عن الزمان الذي نتعايش فيه ولتأتي لتري هذا المشهد ولتعيشه في خيالك (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ )
قالوا ان سيدنا موسي قال لله (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ) جري وترك القوم خلفه
"وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى " (طه84 : 83)
فأول ما طلب , طلب الرؤيا , مشتاق يتمني ان يقر عينا برؤية ربه الكريم , لان سيدنا موسي قال الله في حقه (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) (طه 39) فكل شئ فيه يحب الله , فلما حب و اشتاق جري وقال عجلت اليك ربي لترضي ,فلما كانت هذه الايام العظيمة بمجرد ما طلب قال له رب ارني ولم يقل ماذا يريد
فقالوا تأدب فلم يقل ارني نفسك يا رب او ارني وجهك يارب ,
تأدب فقال ارني دعنى أنظر, أنظر إلى ماذا؟ لم يقل أدب, أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ
فقال تعالى : لَنْ تَرَانِي
قال ابن الجوزي وكم( انَّ) موسي من لن ،،،،، أي تعب منها
(قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ) وكأنه يمنيه أي لن تراني الان ولكن ستراني بعد قليل ستراني ،، لاني قضيت ان لا يراني احد في الدنيا ستراني يوم المزيد , في يوم القيامة , يوم يمتع اهل الجنة بأعظم نعيم حين يرون رب العالمين فسوف تراني
(فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ),
هل من الممكن ان يكون شعارنا وشعار ايامنا هذه , خلال هذه العشر (تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ) (سورة الاعراف 143 )
نعم مطلوب منا هذين الامرين _تبت اليك_ وانا اول المؤمنين_ يا تري هل ممكن ان تكون انت اول المؤمنين في زمان افضل ايام الدنيا كيف الامر الاول تبت اليك , وظيفة التوبه هي وظيفة العمر قال الله (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ) (النور 31)
كلنا لابد وان نتوب , كلنا لابد وان نجدد التوبة ,التوبة هي التي تعلي قدرك ,هي التي ترفع رصيدك , وليس التوبة التي نفهمها علي انها تمحو اثر السيئات , لا , بل التوبة اذا تقبلها الله منك (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ) (البقرة 222)
يحبك فإن احبك فأنت في اعلي منزلة , فالتوبة تعلي قدرك جدا
ولذالك فأول وظيفة نريد ان نعمل بها في هذه الايام وظيفة التوبة
كان ابو ذر رضي الله عنه يقول _هل تري الناس ما اكثرهم وما فيهم خير الا تقي وتائب
وكان ميمون ابن مهران يقول _لا خير في الدنيا الا لرجلين رجل تائب ورجل يعمل في الدرجات
هذا هو مقام التوبة
و كان في بعض الكتب كالحلية وغيرها : (ان رجل قصاب (أي جزار) أولع بجارية (أي احب جارية ) وكانت لبعض جيرانه وكان مطلع عليها فأولع بها واشتهاها فأرسلها مولاها الي حاجة في قرية (صاحبها قال لها أذهب فأتى لى بأشياء من البلد الأخرى) فعرف القصاب فذهب خلفها فراودها عن نفسها
فقالت لا تفعل لأنا اشد حبًا لك منك ولكني اخاف الله
فقال لها انت تخافينه وانا لا اخافه ؟!!! .. فرجع تائبا
ولما كان في طريق العودة لبلدته عطش وقد نفد ما معه من ماء حتي كاد يموت ويهلك فإذا هو برسول لبعض أنبياء بني إسرائيل فسأله ماذا بك
فقال العطش
وما كان مع النبي من ماء فقال تعالي حتي ندعوا حتي تظلنا سحابة حتي ندخل القرية
فقال مالي من عمل فأدعوا (ليس لدى شئ أدعوا الله به)
فقال النبي فأنا أدعوا وأنت توأمن على دعائى
قال فدعا الرسول وأمن هو فأظلتهما سحابة حتي انتهيا الي القرية فأخد الرجل الجزار التائب الي مكانه فمالت السحابة له وتركت النبي
فقال له النبي زعمت ان ليس لك عمل وانا الذي دعوت وانت الذي امنت فأظلتك انت السحابة وتبعتك قال فلتخبرني بما كت تعمل
فأخبره بما كان من توبته
فقال له النبي إن التائب من الله بمكان ليس احد من الناس بمكانه (أي ان التائب عند الله في مكان لايوازيه احد في علو درجته بالطبع هو لن يفضل علي النبي ولكن معناه ان درجته عظيمة جدا عند رب العالمين)